كيف يمكن للعلاج بالمخططات أن يُساعد في شفاء الاحتياجات العاطفية غير المُلبّاة؟

يُعدّ الشفاء من آثار الاحتياجات غير المُلبّاة، وخاصةً تلك التي تعود إلى الطفولة، رحلةً مُعقّدةً ولكنها مُمكنةٌ تمامًا. يُمكن أن تظهر هذه الاحتياجات غير المُلبّاة كندوبٍ عاطفيةٍ عميقة، تُؤثّر على العلاقات، وتقدير الذات، وحسن الحال بشكل عام في مرحلة الرشد.
هل هناك فرقٌ بين الاحتياجات العاطفية غير المُلبّاة والاحتياجات الأخرى غير المُلبّاة؟
نعم، هناك فرقٌ كبيرٌ بين الاحتياجات العاطفية غير المُلبّاة والاحتياجات الأخرى غير المُلبّاة مثل الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية/احتياجات البقاء، والاحتياجات العملية/الوظيفية. على الرغم من اختلاف هذه الاحتياجات، إلا أنها مُترابطةٌ ويمكن أن تؤثّر على بعضها البعض. على سبيل المثال، إذا كانت حاجة الطفل الفسيولوجية للأمان (المأوى، الطعام) مُهدّدةً باستمرار، فسيؤدي ذلك حتمًا إلى حاجةٍ عاطفيةٍ غير مُلبّاةٍ للأمن والثقة. وبالمثل، يُمكن للاحتياجات العملية، مثل الاستقرار المالي، أن تُؤثّر على شعور المرء بالأمان العاطفي.
ومع ذلك، من الضروري التمييز بين الاحتياجات العاطفية، لأن شفائها غالبًا ما يتطلب نهجًا مختلفًا، يركز على العمل الداخلي، والتعاطف مع الذات، ومعالجة جروح التعلق الجوهرية، بدلًا من مجرد الحصول على موارد خارجية أو حل المشكلات العملية.
الاحتياجات العاطفية (الاحتياجات النفسية):
ما هي: هذه الاحتياجات أساسية لرفاهيتنا النفسية، وصحتنا العقلية، وشعورنا العام بالذات والتواصل. تتعلق بمشاعرنا، وكيفية ارتباطنا بالآخرين، وشعورنا بقيمتنا.
أمثلة:
- الحب والتواصل: الشعور بالحب، والقبول، والانتماء، والارتباط الوثيق بالآخرين.
- التحقق: الشعور بأن المرء يُرى، ويُسمع، ويُفهم، وأن تُعترف بمشاعره وخبراته بصدق.
- الأمن/السلامة (العاطفية): الشعور بالأمان والاستقرار في العلاقات والبيئات، والثقة بأن الآخرين سيكونون بجانبك.
- الاستقلالية: الشعور بالسيطرة على حياة المرء، والقدرة على اتخاذ القرارات، وتطوير هويته الخاصة.
- التقدير/الاحترام: الشعور بالتقدير والاحترام والكفاءة والاعتراف بمساهمات الفرد.
- التعاطف: تلقي التفهم والتعاطف من الآخرين.
- العفوية والمرح: حرية التعبير عن الذات، والمشاركة في أنشطة ممتعة، وأن نكون بسجيتنا.
أثر عدم تلبية الاحتياجات: قد تؤدي الاحتياجات غير الملباة إلى كرب نفسي، بما في ذلك تدني احترام الذات، والشك بالذات، والقلق، والاكتئاب، والوحدة، وصعوبة بناء علاقات صحية، واختلال تنظيم الانفعالات، وزيادة التعرض للصدمات، وآليات مواجهة غير تكيفية، والشعور الدائم بـ”نقص شيء ما” أو بالفراغ الداخلي. يمكن أن تتفاقم هذه المشكلات بسبب صدمات الطفولة وآليات المواجهة غير التكيفية.
كيفية ظهورها: غالبًا ما تكون على شكل مشاعر عميقة، وأنماط سلوكية، ومشاكل في العلاقات. وهي أقل وضوحًا من الاحتياجات المادية أو العملية، لكنها تؤثر بعمق على عالم الفرد الداخلي.
كيف يمكن للعلاج بالمخططات بالتحديد أن يساعد في شفاء الاحتياجات العاطفية غير الملباة؟
صُمم العلاج بالمخططات خصيصًا لتحديد الاحتياجات العاطفية غير المُلبّاة ومعالجتها، والتي نشأت في مرحلة الطفولة، والتي أدت إلى ظهور “المخططات غير التكيفية المبكرة”. يتجاوز هذا العلاج العلاج السلوكي المعرفي التقليدي، إذ يتعمق في الجذور التاريخية لهذه الأنماط، ويستخدم مزيجًا من الأساليب المعرفية والتجريبية والسلوكية.
توصل جيفري يونغ (مطوّر العلاج بالمخططات) إلى 18 “مخططًا غير تكيفيًا مبكرًا”، وهي أنماط متجذرة بعمق، ومُحبطة للذات، في التفكير والشعور والسلوك. تتطور هذه المخططات من احتياجات عاطفية مزمنة غير مُلبّاة في مرحلة الطفولة، وتستمر طوال الحياة، مما يُسهم في صعوبات نفسية مُختلفة.
احتياجات الطفل الأساسية وفقًا لنموذج المخطط.
تُجمّع هذه المخططات الثمانية عشر في خمسة “مجالات مخططية” أوسع، تتوافق مع الاحتياجات العاطفية الأساسية التي لم تُلبَّ بشكل كافٍ خلال النمو، وهذه الاحتياجات هي:
- التعلق الآمن بالآخرين.
- الاستقلالية، والكفاءة، والشعور بالهوية.
- حرية التعبير عن الاحتياجات والمشاعر المشروعة.
- العفوية واللعب.
- وضع حدود واقعية وضبط النفس.
يساعد العلاج بالمخططات على معالجة الاحتياجات العاطفية غير الملباة من خلال:
الفهم العميق لأصلها: إرجاع المشاكل الحالية إلى احتياجات محددة غير ملباة في مراحل النمو المبكرة.
المعالجة الفعالة للألم العاطفي: استخدام تقنيات تجريبية لمنح الطفل الداخلي الخبرة التي يتوق إليها.
توفير علاقة تصحيحية: يقدم المعالج خبرة “إعادة تربية” تُجسد إشباع الاحتياجات الصحية.
بناء الموارد الداخلية: تعزيز نمط “الراشد السليم” لتلبية احتياجات الفرد وإدارة مشاعره بفعالية.
كسر الدوائر السلبية: استبدال سلوكيات المواجهة غير التكيفية بسلوكيات بناءة.
إنه علاج شامل، وغالبًا ما يكون طويل الأمد، يهدف إلى تغيير عميق ودائم من خلال معالجة البنية العاطفية الأساسية التي تشكلت استجابةً لخبرات الحياة المبكرة.
يمكن للمعالج النفسي الجيد أن يوفر لك مساحة آمنة لاستكشاف مشاعرك، وبناء وعيك بذاتك، وتطوير مفهوم إيجابي عن ذاتك. يمكنك التواصل مع طبيب نفسي أو أخصائي نفسي عيادي لمساعدتك في تحديد احتياجاتك غير الملباة وتلبيتها من خلال هذا الرابط:Kind Mind Therapists
الشفاء رحلة، وليس وجهة. يتطلب الأمر وقتًا وصبرًا وشجاعة للاعتراف بالاحتياجات غير الملباة ومعالجتها. باتباع هذه الخطوات، يمكنك التحرر من الأنماط القديمة وبناء حياة أكثر إشباعًا ومرونة عاطفية.