يُعد القلق تجربة شائعة، ولكن عندما يصبح مُرهقًا أو يُؤثر على الحياة اليومية، من المهم اتباع مجموعة من التقنيات لإدارته. يمكن تصنيف هذه التقنيات بشكل عام إلى استراتيجيات تخفيف فوري وتغييرات نمط حياة طويلة المدى.

أولًا، تقنيات التخفيف الفوري عند حدوث نوبة القلق:

يُمكن إدارة نوبات القلق من خلال تقنيات تخفيف فوري، مثل تمارين التنفس العميق، وتقنيات التركيز الحسي في اللحظة، والتركيز على الأحاسيس. تُنشط تمارين التنفس العميق الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، بينما تُساعد تقنيات التركيز الحسي على التركيز على اللحظة الحالية. تُساعد هذه التقنيات على تهدئة الجسم والعقل أثناء نوبات القلق.

ثانيًا، استراتيجيات طويلة المدى لبناء المرونة:

تشمل الاستراتيجيات طويلة المدى لتخفيف القلق ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والعلاج السلوكي المعرفي، واتباع نظام غذائي صحي، والحفاظ على عادات نوم صحية، وتحديد الأفكار غير المفيدة ومواجهتها، والحد من وقت استخدام الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، والدعم الاجتماعي، وإدارة الوقت، وممارسة الهوايات، ومنع الكحول والمخدرات.

ونجد هناك تقنية واحدة لها تأثيرات قصيرة وطويلة المدى على القلق، وقد ثبت علميًا أنها تُخففه، وهي ممارسة اليقظة الذهنية.

اليقظة الذهنية تقنية فعّالة لتخفيف القلق من خلال تغيير علاقتك بأفكارك ومشاعرك وأحاسيسك الجسدية جذريًا. بدلًا من محاولة كبت القلق أو الهروب منه، تُعلّمك اليقظة الذهنية مراقبته بفضول وتجنّب إصدار الأحكام. لكن أولًا، لنُعرّف اليقظة الذهنية.

ما هي اليقظة الذهنية؟

ببساطة، اليقظة الذهنية هي الانتباه إلى اللحظة الحالية بفضول، بقلب/عقل منفتحين، دون إصدار أحكام أو رد فعل متسرع. تتضمن اليقظة الذهنية الوعي التام بما تشعر به في اللحظة الحالية – أفكارك، عواطفك، أحاسيسك الجسدية، والبيئة المحيطة – دون الانشغال بها.

يمكن أن تُساعد اليقظة الذهنية في تخفيف القلق من خلال كسر دائرة أنماط التفكير السلبية، والتركيز على اللحظة الحالية، ومراقبة الأفكار دون إصدار أحكام. كما أنها تُنشّط الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، مما يُعزز الهدوء ويُقلل من توتر العضلات. يمكن أن تؤدي ممارسة اليقظة الذهنية بانتظام إلى تغيرات فسيولوجية، مثل انخفاض نشاط اللوزة الدماغية وزيادة نشاط القشرة الجبهية. كما أنها تشجع على القبول وعدم المقاومة، مما يقلل من شدة القلق من خلال الاعتراف بوجود مشاعر وأفكار القلق والسماح بها، وتنمية القبول.

تقنيات اليقظة الذهنية الشائعة للقلق:

• التنفس الواعي: ببساطة، ركز انتباهك على إحساسك بأنفاسك أثناء دخولها وخروجها من جسمك. عندما يتشتت ذهنك (وهو أمر طبيعي!)، أعده برفق إلى التنفس.

• تأمل مسح الجسم: استلقِ أو اجلس بشكل مريح، وركز انتباهك بشكل منهجي على أجزاء مختلفة من جسمك، مع ملاحظة أي أحاسيس (مثل التوتر أو الدفء أو الوخز) دون إصدار أحكام. هذا يساعدك على التركيز على خبرتك الجسدية.

• المشي الواعي: انتبه لأحاسيس المشي – شعور قدميك على الأرض، وحركة ساقيك، وتأرجح ذراعيك، والمشاهد والأصوات من حولك.

 • الأكل/الشرب بوعي: تمهل وأشرك حواسك بالكامل أثناء الأكل أو الشرب. لاحظ الألوان، والملمس، والروائح، والمذاق.

• تقنيات التركيز الحسي ٥-٤-٣-٢-١: اجلس وتأمل في ٥ أشياء تراها، و٤ أشياء تشعر بها، و٣ أشياء تسمعها، وشيئين تشمّهما، وشيء واحد تتذوقه.

• طريقة RAIN (التعرف، السماح، التحقيق، الانفصال/الاحتضان): نهج منظم للتعامل مع المشاعر الصعبة:

○ تعرّف على ما يحدث (مثل: “أشعر بالقلق”).

○ اسمح للتجربة أن تكون موجودة (لا تقاومها).

○ تحقق بلطف (أين أشعر بها في جسدي؟ ما هي الأفكار التي تراودني؟).

○ الانفصال عن الخبرة أو الاحتضان (ذكّر نفسك أنك لست قلقك؛ أظهر التعاطف مع نفسك).

دمج اليقظة الذهنية في الحياة اليومية:

لا تقتصر اليقظة الذهنية على جلسات التأمل الرسمية فحسب، بل يمكنك تطبيقها في أنشطتك اليومية، مثل غسل الأطباق، والاستحمام، وتنظيف أسنانك، والاستماع إلى حديث الآخرين، أو حتى القيام بمهمة بسيطة. يكمن السر في الحضور الذهني الكامل والانخراط في هذا النشاط، وملاحظة التفاصيل دون إصدار أحكام.

مع أن اليقظة الذهنية أداة فعّالة، إلا أنها ليست حلاً سريعًا. إنها ممارسة تتطور مع مرور الوقت بجهد متواصل. إذا كان القلق مستمرًا أو شديدًا أو يؤثر بشكل كبير على حياتك، فإن طلب المساعدة من مختص بالصحة النفسية (معالج نفسي، طبيب نفسي) أمر بالغ الأهمية. يمكنهم تشخيص اضطرابات القلق والتوصية بالعلاج المناسب، والذي قد يشمل جلسات علاجية (مثل العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالمخططات) أو أدوية. 

يمكنك التواصل مع طبيب نفسي أو أخصائي نفسي عيادي لمساعدتك في تشخيص القلق وعلاجه من خلال هذا الرابط: Kind Mind Therapists

تذكر أن إيجاد الأنسب لك غالبًا ما يكون عملية تجربة وخطأ. تحلَّ بالصبر والتعاطف مع نفسك أثناء استكشاف هذه التقنيات.